شمس الشموس
  أيّوب عليه السلام
 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنتقل النور إلى أيّوب عليه السلام

ولد في مدينة القدسية القريبة من دمشق واحد من سلالة النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم . لقد كان والده موس عليه السلام من سلالة سيّدنا يعقوب عليه السلام , وكانت والدته أنّوس رضي الله عنها من سلالة بنات سيّدنا لوط عليه السلام . سمّوا إبنهم أيّوب عليه السلام وكان النور يشعّ من جبهته كالقمر في ليلة مظلمة.

كبر أيّوب عليه السلام وقد أصبح غنيا . إمتلك أيّوب عليه السلام عدّة بيوت جميلة , بساتين وحدائق مملوءة بجميع أنواع الفواكه والأشياء الجيّدة للأكل . تزوج من رحمة رضي الله عنها التي هي من سلالة يوسف عليه السلام ورزقوا بخمسة عشر ولد .

 تزوّج أيّوب عليه السلام فيما بعد مرّتين , وأصبح لديه العديد من الأولاد والأحفاد . عاش جميعهم بتناغم وأمان وحبّ . فكانوا يجتمعوا كلّ ليلة في أحد البيوت ويأكلوا مع بعضهم البعض ويعبدوا الله عزّ وجلّ . لقد كانت الحياة جميلة بالنسبة لهم .

بالرغم من الغنى الذي الذي كان ينعمّ به أيّوب عليه السلام لكنّه لم ينسى أن يشكر ربّه الذي تأتي منه كلّ النعم . لقد كان عبدا متواضعا لله عزّ وجلّ وجارا متواضعا مع الجميع . لقد أعطاه الله عزّ وجلّ كما أعطى غيره من البشر لكنّه لم ينسى يوما من الأيّام خالقه . لقد كان مثالا للإنسان .

في يوم من الأيّام لم يستطع الشيطان أن يتحمّل النعم التي كان يعيش فيها أيوّب عليه السلام . فقال الشيطان للملائكة أنّ أيّوب عليه السلام كان مطيع لله عزّ وجلّ لأنّه يعيش بعزّ ولا يفتقر لأيّ شيء . هنا أعطى الله عزّ وجلّ الشيطان الفرصة ليمتحن أيّوب عليه السلام .

في اليوم التالي وبينما كان أيّوب عليه السلام يصلّي هبّت ريح وهدمت حدائقه وشتّتت قطيعه . وهكذا وبيوم واحد خسر أيوب عليه السلام جميع أملاكه . بالرغم من ذلك لم يلهيه ذلك عن ذكر ربّه .

في اليوم الذي يليه وبينما كان يجتمع  أولاد أيّوب عليه السلام وأحفاده وزوجاتهم في أحد البيوت لتناول العشاء حصلت هزّة أرضية أودت بحياة جميع أهل البيت.

 زاد ما حصل من صبر أيّوب عليه السلام ومحبّته لله عزّ وجلّ  فإستمر في الصلاة لربّه ووجّه  كلّ إهتمامه لله عزّ وجلّ . لقد كان الشيطان في غاية الغضب من ذلك . وهكذا مدح  الله عزّ وجلّ وملائكته قلب أيّوب عليه السلام الصامد , وقد عرفوا بأنّه لن يتغيّر أبدا .

 نفخ الشيطان على أيّوب عليه السلام نفس مسمّ من جهنّم ممّا أدّى إلى تورّم جسده وتقرّحه . ثمّ ذهب الشيطان من بيت إلى آخر في المدينة يخبرهم أنّ ما أصاب أيّوب عليه السلام هو بسبب عدم إطاعته لله عزّ وجلّ . بالرغم من إحترام الناس في المدينة لأيوّب عليه السلام وتقديرهم له , لكنّهم لم ينفكّوا عن عبادة الأصنام . لقد إتّبعه  ثلاثة رجال غرباء كانوا يمروا في المدينة . تأزّم أهل المدينة من مرض أيّوب عليه السلام وتملّكهم الخوف منه . وفجأة لم يعودوا يحترموه .

بالإضافة إلى ذلك تركته زوجتاه , ولم يبقى معه سوى رحمة رضي الله عنها . إعتقد الرجال في المدينة بأنّ مرض أيّوب عليه السلام معد , فطلبوا من رحمة رضي الله عنها أن تحمله على ظهرها وتأخذه إلى أرض مهجورة خارج المدينة . صنعت رحمة رضي الله عنها فراشا لأيّوب عليه السلام من العشب ومخدّة من الحجر . لم يساعد أحد أيوبّ عليه السلام وزوجته . فقد كانت رحمة رضي الله عنها تذهب إلى المدينة  للعمل . وهكذا فإنّها إضطرّت أن تقوم بأعمال وضيعة لتجلب الطعام لها ولزوجها بعد أن كانت إمراة أنيقة ومدلّلة .

لقد كانت رحمة رضي الله عنها إمراة جميلة  ذو شعر طويل يصل إلى ركبها . ألهم الشيطان أحد نساء القرية أن يطلبوا من رحمة رضي الله عنها أن تقصّ شعرها مقابل طعام لها . وكان الشعر القصير سابقا علامة أنّ المراة خرجت عن القانون . عندما رأى أيّوب عليه السلام زوجته شكّ فيها ورفض أن يصدّق قصّتها , وحلف أن يضربها عندما يستعيد قوّته . لقد كاد الشيطان أن يدمّر كلّ شيء  في حياة يعقوب عليه السلام الأرضية  حتّى حبّه وثقته بزوجته .

الآن الغرباء الثلاثة الذين إتخذوا أيّوب عليه السلام نبيهم تركوه وعادوا إلى عبادة الأوثان . وهذا كان الصفعة الأخيرة لأيّوب عليه السلام . وبقلب مشتعل في صدره دعا أيّوب عليه السلام الله عزّ وجلّ أن يحافظ على دينه في الأرض وأن يحمي المؤمنين من الشك , ولأوّل مرّة طلب أيّوب عليه السلام من الله عزّ وجلّ أن يتذكّره .

إستجاب الله عزّ وجلّ لأيّوب عليه السلام وأمره أن يضرب برجله على الأرض . فعل أيّوب ما طلب منه فجرّ نفسه ووقف بصعوبة على رجليه وضرب الأرض برجليه . فجأة تفجرّت المياه من تحت رجليه فإستحم بها من قوّة دفعها . هكذا تعافى أيّوب عليه السلام وأصبح شابا وقويا أكثر ممّا كان عليه . عندما رجعت رحمة رضي الله عنها من المدينة جعلها أيّوب عليه السلام تستحمّ بالمياه فأصبحت شابة وجميلة كما كانت .

شهد الناس في المدينة ما حلّ بأيّوب عليه السلام ورحمة رضي الله عنها فتحوّلوا جميعا للإيمان . إستعاد أيّوب عليه السلام كلّ ما أخذ منه . فقد منحه الله الكثير من الأولاد والأحفاد والبيوت والحدائق . يقول الناس بأنّه حتّى الأقفال في حديقته كانت من ذهب . وهكذا طرد الشيطان من هذه الأرض وملؤه الحقد والغضب .

وبما أنّه على النبي أن يفي بوعده وبعد أن عرف ببراءة زوجته رحمة رضي الله عنها طلب منه الله عزّ وجلّ أن يضربها بعشب ناعم .

عاش أيّوب عليه السلام مئتان وتسعين سنة . بقي أيّوب عليه السلام في الأّيام الحسنة وفي الأيّام السيئة  عبدا مطيعا وشكورا لله عزّ وجلّ  . لقد كان يعرف الله عزّ وجلّ قوّة قلب أيّوب عليه السلام , لكنّه سمح للشيطان أن يمتحنه ليظهر للناس أنّه إذا ما صبرالإنسان فإنّه يستطع أن يصمد وينتصر على كلّ شرّ ممكن .

فليبارك الله أيوب عليه السلام وليمنحه السلام .    

 
  3004733 visitors