شمس الشموس
  11.04.2011
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفأرة السكرانة والتسونامي الرباني

11 أبريل 2011

ما هي الذرّة؟ .. سؤال نطرحه لجميع العلماء في شتى أنحاء العالم. الناس في عصرنا لا يستخدمون عقولهم. تركوا أكبر نعمة أُكرم بها بنو آدم، ألا وهو العقل. بالعقل يمكن للإنسان أن يثبت الوجود. فما هو الوجود؟    

جاء رجل إلى رجل يدعي العلم وسأله، "يا أستاذ، أنت تدّعي بأنك تعرف كل شيء .. فأخبرني إذن ما هو العلم وما هي المعرفة؟" .. أيها الضعيف! تدّعي بأنك شيء عظيم في هذه الدنيا .. تدّعي وتقول سمعت شيئاً وقرأت شيئاً .. فما هو العلم وما هي المعرفة؟ .. وهل العلم  يأتي من داخلك أم من الخارج؟ .. أخبرني!

إذا أردت أن تتعلم فاترك المسائل المعقدة أو العلوم التي لا تستوعب منها شيئاً. ولمعرفة المسائل أو المعاني الدقيقة، التي لا يمكن الإطلاع عليها بفكرك وحدك، عليك أن  تسأل غيرك أو تتعلمه من غيرك. أنتم تحبون أن تسألوا عن أشياء لا يلزمكم ولا ينفعكم. بينما الأوْلى أن تسألوا عن أشياء تخصكم أنتم؛ تسألوا عن أنفسكم. وإذا تعلمتم شيئاً تجاوزتم حدودكم وادعيتم وحسبتم أنكم على شيء. ودعواكم هذه تفوق ملايين المرّات مما أنتم عليه حقاًّ.

سأطرح لكم هذا السؤال الذي وردني الآن .. وأوجه هذا السؤال خاصة لعلماء الغرب، الذين يدّعون بأنهم، أهل العلم الحديث، أو "التكنولوجيا". ويحسبون أنفسهم أقوياء بالعلوم التي انكشفت لهم. ويقولون، "نحن فتحنا الستار عن هذه العلوم للناس". "أو عندنا من الإحاطة بالعلم ما لم يدركه السابقون الأوّلون" ..

أيها العلماء الغربيون! بعجرفتكم الزائفة، ودعاويكم الباطلة بأنّكم توصلتم إلى معرفة أسرار الحياة في هذه الدنيا، تنطبق عليكم الصفة التي وصف بها ذاك الذي حاجّ سيدنا إبراهيم عليه السلام، والذي قال عنه الله جل وعلا، {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}، (البقرة 258). كان سيّدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام  مبعوثاً إلى نمرود. ومن قلّة عقله، اعتقد نمرود أنّه سيتفوّق ويتغلب على سيّدنا إبراهيم عليه السلام بالحجة. غير مدرك أن هذا النبي يستمد علمه من فوق سبع سموات .. أما نحن فلا نستخدم هذه الأشياء .. فنحن، مستوانا لا يتجاوز الصفر ..

يا علماء الغرب والشرق، الذين يتكبرون ويغترون بعلمهم، سوف أبهتكم بهذا السؤال!  .. تدّعون العلم وتنكرون وجود الله سبحانه وتعالى، بعقلكم الصغير والمحدود! .. حتى أنكم لا تقبلون أن يقال، بأن عقلكم صغير. بل تعتقدون أنّه كبير بما يكفي ليسع الدنيا وما فيها .. يسرني أن أسمع أن عقلكم بهذا الحجم، لأنه سيكون أسهل علي أن تتعاونوا معي وتخبروني عن حقائق الأشياء. حقائق الأشياء كما تعرفون يمكن اكتسابها عن طريق السمع والبصر واللمس والذوق .. أسألكم أيها العلماء! بما أنكم تدّعون معرفة كل شيء، أخبروني عن حقيقة الأشياء في هذه الدنيا! .. "نحن بدأنا بكشف الأشياء التي كانت لغزاً بالنسبة لنا في الماضي، في ما يتعلق بهذه الدنيا والفضاء" .. أتركوا هذه، وتعالوا إلى ما هو أقرب إليكم، ألا وهي أنفسكم .. قولوا لي، هل بحثتم عن حقيقة ما يخرج من دبركم "الغائط"؟ .. أخبروني عن كيفية حصوله وخروجه؟ .. هل ذقتموه؟ .. "لا لم نذقه، فقط شممنا رائحته، وهي كريهة" .. إذاً ما دام الأمر كذلك، فهناك رائحة طيبة وأخرى كريهة .. أخبروني، ما الفرق بين الروائح الطيّبة والروائح الكريهة؟ .. هل بحثتم عن هذه؟ .. هذا منكم وإليكم! .. هل كتبتم كتاباً عن الخبث الذي يخرج من أدباركم؟ .. أخبروني وإلا غروركم هذا سوف يغرقكم  في بحر النجاسة. لا أعني بها نجاسة الإنسان بل نجاسة إبليس. إبليس يذيقكم من نجاسته وتدّعون، بغرور أنكم ارتقيتم إلى أعلى مستويات العلم؟ ما لنا ونحن من هذه العلوم، التي تدعون بقولكم، "علوم الفضاء"!؟

كان عند رجل خمّارة. وكان في قبو خمّارته براميل من الخمر. وذات يوم نسي أن يغطي فتحة إحدى البراميل وبقيت مفتوحة. وكان في القبو فئران. فجاءت فأرة صغيرة وهي تبحث عن طعام، ووقعت في البرميل المفتوح. فأخذت تسبح في برميل الخمر وتشرب حتى ثملت. وصلت الفأرة وهي تسبح إلى حافة البرميل، فأمسكت بها وأخرجت رأسها منها، وأخذت تصرخ قائلة، " أين هؤلاء القطط التي تقوّت علينا وهجمت علينا باستمرار؟ فليظهرن أنفسهن للمبارزة!" سمعت هذا الكلام صديقته فتعجّبت وضحكت منها.

كانت الفأرة ثملة، لدرجة أنها تحدت القطط لتبارزها. فمن شدّة سكرها  نسيت الفأرة من تكون وما هو حجمها وما هي قدرتها، فصارت تنادي، " أين القطط! فليظهرن أنفسهن ولينظرن من أكون ..!"

علماء هذا العصر مثل تلك الفأرة، يدّعون معرفة  كلّ شيء، وينكرون وجود علم ما وراء علومهم، والتي جاء بها الأنبياء والمرسلون عليهم السلام. ولسان حالهم يقول، " ما لنا ولعلوم الأنبياء! .. علمهم لا يعنينا!"  .. من الطبيعي أن يقولوا هكذا. فماذا يمكن أن تتصور من رجل شرب من بول الشيطان حتى سكر وبان غروره، غير هذا!؟ .. لديهم تكبر وتجبر وادعاء ليس في محله. وحال الدنيا الآن في هذا الوضع المزري. أعجبكم كلامي هذا أم لم يعجبكم. ومن لم يعجبه فليمت في غيظه! .. تلك كانت صحبة هذا الصباح، لعامة الناس المدّعين والمنكرين والكافرين .. و"العرص".

أيّها الناس الذين ثملوا من بول الشيطان! أتركوا السكر، وتعلّموا التواضع واركعوا واسجدوا لرب العباد، سبحانه وتعالى! .. الله اكبر! (مولانا يسجد). هذا ما بدا لي هذا الصباح من كلام، وإن لم يكن لساننا فصيحاً، واستخدامِنا لبعض الألفاظ النابية .. فعلى حسب المرض يستخدم الطبيب دواءً مراًّ. وأحياناً يحتاج إلى استخدام المشرط للقيام بعملية جراحية. وساداتنا الكرام لا ينزلون إلى مستوى هذه الأمور، بل يتركونها لي. لأن مستواي دون مستواهم. وليس هناك مستوىً دون مستواي! ونفسي تحت مستوى الكل. ولذلك أجازوا لي بالكلام في مثل هذه الأمور. أعجبكم كلامي هذا أم لم يعجبكم، فلا أحد يدفع لي شهرية، لا يهم! (مزح) .. أنا أعطيكم دون مقابل، فانتفعوا بها. فهذه دواء للنفوس الرذيلة. {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}، (يوسف، 53). فالنفوس الطاغية بحاجة إلى مثل هذا الدواء. كبار الأولياء لا يستخدمون مثل هذه الألفاظ، ولا يليق بمقامهم الرفيع. وأما أنا فلا بأس .. ما أنا إلا كنّاس للنفوس الطاغية .. {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}!

أنا لست كسيّدنا إبراهيم عليه السلام، حاشا. وظيفتي هو التنظيف. لذا فأنا أنظّف. ولم يعد هناك مجال لمن يريد أن يعترض، فقد أصبحوا مبهوتين .. قالوا لنا، أنتم خذوا ونظّفوا! .. فمثلنا مثل ما حدث مع التسونامي الذي ضرب اليابان. والذي جرف من الأوساخ ما لا يمكن تنظيفها في سنوات عديدة. وكلامي هذا أيضاً جاءت لتنظيف وتطهير نفوس أهل الكبر. حتى يُجبروا على قول، لا إله إلاّ الله، سيدنا محمّد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (مولانا يقف). ومن الله التوفيق.

الفاتحة    


 
  3001681 visitors