شمس الشموس
  30.11.2009
 

هل من مزيد!

سلطان الأولياء  مولانا الشيخ محمد ناظم الحقاني

 

(مولانا يقف).

دستور يا سيدي، مدد. مدد يا سلطان الأولياء! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد! الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد! الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله العظيم، وبحمده الكريم بكرة وأصيلاً. لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد!

نسألك يا ربنا مغفرتك، يا ربنا ورب الخلائق كلها، اغفر لنا. ونسألك أن تعمّنا ببركاتك، ونسألك بتواضع شديد، أن تمنح من عظمتك وجلالك لأشرف العباد في الحضرة القدسية. اللهم صل وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. (مولانا يجلس).

أيها المستمعين، السلام عليكم! غفر الله لنا، لأننا نقحم أنفسنا بالأعمال التافهة، التي لا قيمة لها، ونسعى وراء الأباطيل، ونعيش عيش الغافلين! نسأل المغفرة من خالقنا، بحرمة أشرف من في الحضرة القدسية. وأخيراً نسأل الدعم والمعونة من سلطان هذه الأرض، بأن يتقبّل مطلبنا المتواضع. ونسأل بتواضع شديد سلطان هذا الكوكب أن يعيننا ويساندنا، فنحن عاجزون، بلا حول ولا قوة. "عاجزون"، معناه أننا لا نستطيع فعل أي شيء بأنفسنا.

يوجد هنا بعض الآلات، ولكنها لا تستطيع بنفسها أن تعمل. فهي بحاجة إلى الطاقة، لتنبعث إليها الحياة؛ فتسمع وتستوعب وترسل ما نقوله من خطابات إلى الشرق وإلى الغرب، ولكن نحن لا نرى تلك الطاقة. ما نراه فقط، الآلات التي أمامنا. الطاقة الخفية التي تجعلها تعمل وتشتغل، فلا نستطيع أن تراها. فكل ما يستخدمه الإنسان من أشياء ليبلغوا مآربهم، بحاجة إلى الاستعانة ببعض مراكز الطاقة. فإن لم تصلهم الطاقة من تلك المراكز، فهم بمثابة تماثيل لا تعقل؛ تنظر ولا ترى، تسمع ولا تعي، وتقول ولا تفهم ما تقول. فهم يعملون كل شيء، ولكن ليس لديها القدرة في إدراك ماذا يفعلون ولأي شيء ولماذا؟

 

إذن، فنحن بحاجة إلى طاقة؛ الطاقة غير مرئية. فهي  تأتي من محيطات القوة، لرب السموات. تصل إلى الناس وتفتح لهم مدارك فهمهم. ولكن إذا لم يكن المرء مهتماً سوى بحاجاته المادية، فلن يصل إلى ما يطلبه من مآرب.(أهداف ومعارف)

لدينا من الطاقة، غير المعروفة والغريبة، ما يجعلنا ندرك شيئاً من غير أن نرى أو نسمع. وهبنا الله سبحانه وتعالى طاقة خفية، وهذه الطاقة تجعلك تخطو وترى وتسمع وكذلك تفهم. فعندما تنظر، تلك الطاقة تجعلك ترى ما أردت أن تنظر إليه وتراه. ولكن إذا ألقى المرء نظرة فارغة، معنى هذا أنه لم يستخدم تلك الطاقة الموجودة في عينيه ليصل إلى تلك النقطة ليدركها.

إذا نظرت الآن إلى القمر هكذا يمكنني أن أراه، ولكن تلك نظرة بسيطة وسطحية. نظري يصل إلى القمر. ولكن هناك نظرة أخرى وتلك هي مطلبنا؛ فعندما أنظر إلى القمر، علي أن أفهم ما هو ومن أجل ماذا خُلق وما هي وظيفته. ما هي حكمة وجوده. إذن هناك نوعان من النظرة: نظرة سطحية وبسيطة، والثانية نظرة مشحونة بطاقة سماوية، تمنحكم حِكماً سماوية. إذا استخدمتم الطاقة السماوية، فستجدون الحكمة من وراء خلق القمر. وما هو السبب الرئيسي لظهوره في الليل وليس في النهار؟ يمكن رؤيته في النهار، ولكن عادة لا يُنتبه إليه في النهار، كما يُنتبه إليه في ساعات الليل. إذن فهناك نظرة بسيطة وسطحية. هل صادفكم، أن رأيتم مرة، قطاً ينظر إلى السماء باحثاً عن القمر؟ لا أبداً! لأن القط أو الكلب أو الحمار، لا يحتاج إليه، فليس ضرورياً بالنسبة إليهم أن ينظروا ويسألوا عن فائدة القمر. فهم ليسوا بحاجة لمعرفة ذلك، أبداً. ولكنكم، أنتم الذين خُلقتم لتكونوا خلفاء لخالقكم، وقد خلقتم بأمر إلهي، لذا فمكانتكم تختلف مئة بالمائة عن سائر المخلوقات، وكذلك نظرتكم تختلف عن نظرتهم. فهذا شرف لكم، لأنكم كُرّمتم بأن تكونوا خلفاء لربكم. لذلك، لولا أن فاضت عليكم بعض التجليات الخاصة بكم، لما أمكنكم الفهم والإدراك. لأن التجليات التي اختص بها الإنسان تختلف مئة بالمائة عما تنزل على سائر المخلوقات، حتى عن الملائكة الذين أكرموا بالدرجات العلى، لأن الإنسان أرفع مقاماً من الجميع.

مرة كنت أتمشى مع أستاذي وشيخي، في ضاحية من ضواحي المدينة، إذ به فجأة يتوقف عند واجهة متجر من المتاجر. فبدأ ينظر إلى آلة معروضة في الواجهة، وقال لي: "ناظم أفندي، الخليفة الحقيقي، إذا نظر إلى شيء يصل إلى فهم السبب والحكمة من وراء وجود ذلك الشيء. أما من ينظر إلى الأشياء نظرة فارغة (سطحية)، فهو والحمار سيان، في نفس المستوى. لذلك، إذا نظرت، فعليك أن تفهم السبب لوجود ذلك الشيء.عليك أن تصل إلى الحكمة من وجوده".

إذن، فقد وهبنا الله سبحانه وتعالى عينين للنظر. هناك نظرة سطحية وهناك نظرة حقيقية. النظرة الحقيقية  تنقل إليك الحِكم. لذلك، إذا نظر أحدهم إلى القمر، عليه أن يعرف شيئاً عن القمر وحكمة وجوده في السماء، عبر الفضاء.

لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الخلائق كلها؟ ليكونوا دليلاً ومرشداً لكم على وجود الخالق! كل مخلوق يُعرفّكم ويدلكم على وجود رب السموات. "وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد". أي كل ما تراه عيناك، فيه حِكَم وعِبر، تدل على معرفة رب الخلائق.

الناس في عصرنا، يستخدمون فقط الطاقات البسيطة، التي منحت لوجودهم المادي، وهذه لا تكفي لحملك إلى محيطات الحقيقة. يحاول الناس النظر في عمق المواضيع، طلباً لمعرفة شيء عن هذا الكون. ولكنهم يستخدمون فقط، بعض الآلات التي اخترعوها لعرض بعض المقاييس، ولكنها لا تكسبك قياساً صحيحاً. يتحدثون عن قياس بُعد المنظومة الشمسية والمجرات الموجودة في عمق الفضاء البعيدة. ولكنهم لا يستخدمون الطاقة الروحية الحقيقية الموجودة في كيانهم الروحاني، بل جُلُّ ما يستخدموه، هي الطاقة الممكنة الموجودة في جسمهم المادي، ثم يقولون، "أوه، بُعد تلك (المجرة) 15 بليون سنة ضوئية". إنه ليس قياساً صحيحاً، لأن كل ما يستخدمونه  يتعلق بقواهم المادية، بإمكانيات القوة لوجودهم المادي وما يرونه يختلف عن (الحقيقة). لا يمكن قياس مثل هذه بالطاقة المادية. ولكن الإنسان قد كُرم بكونه خليفة للخالق، خليفة الله سبحانه وتعالى. وقد وُهب كخليفة للخالق جل جلاله قوة تمكنه من مشاهدة البُعد الحقيقي من غير أي خطأ. ما يخبرون به، من خلال قدراتهم المادية، ليس حقيقياً، أبداً. إذ لا يمكن أن تجزم بمصداقيته، لأنه فقط عرض أو مظهر. كل ما عندهم من بنات أوهامهم ونتاج تصوراتهم. والخيال ليس فيه من الحقيقة شيء. التصور أو الخيال شيء والحقيقة شيء آخر.

لذلك، يحاول البشر الوصول إلى أعمق النقاط في هذا الكون، ولكن جل ما يرونه من نسيج خيالهم، ليس إلا. ما يصرّحون به من أخبار لا يعدو كونه تصوراً ولا يصل إلى مرتبة الحقيقة. التصور شيء والحقيقة شيء آخر. التصورات تتغير يومياً، مئات المرات أو آلاف المرات أو ملايين المرات أو بلايين المرات. التصورات تتغير لأنها ليست ثابتة، أما الحقائق فهي ثابتة، لا تتغير أبداً!

والحقيقة أيضاً درجات. ما يفهمه شخص ما من الدرجة الأولى للحقيقة، يختلف مئة بالمائة، عن ما يفهمه شخص آخَر من الدرجة الثانية للحقيقة. وهكذا الحقيقة في تصاعد متدرج مستمر إلى ما لا نهاية. فكلما اقتربت من المحيطات القدسية (الإلهية)، كلما نلت درجات سماوية أكثر. وهي في تبدل وتغيّر مستمر، لأن ربنا الخالق، لا يمكن لأحد أن يصف وجوده الحقيقي، حقيقة ذاته!

التجليات، دائمة التغير، ومن المحال أن تبلغ النهاية. تصل إلى شيء ما، ولكن ليس إلى كل شيء، لأنه رب الخلائق ولا يمكن للخالق أن يكون مثل الخلق، أبداً! لذلك، لا مثيل له ومحال أن تعرفه؛ ما تعرفه لا شيء. فلذلك، أنت تسعى وتجري وتسأل "هل من مزيد، يا ربنا!" لأنهم كلما سعوا، ازدادوا متعة وسعادة ونوراً، وتنورت بصيرتهم أكثر، وتوسعت آفاق معرفتهم أكثر، وقويت إرادتهم أكثر.

أيها الناس! حاولوا أن تفهموا شيئاً مما أوردناه! ما يقدمونه لكم من علم في الكليات والجامعات والأكاديميات لا شيء، لا شيء! لا يفيدكم بشيء. في النهاية تتعب وتمل منها وتقول، "أنا منهك، ولا أتطلع إلى أكثر من ذلك. وعندما أنتهي مما في هذا المستوى، فلا أرغب مما في المستوى الثاني، ولا أطلبها". أما حقيقة الحقائق فتجعل الناس يطلبون المزيد، لأنهم يزدادون متعة وسروراً، وسعة قابليتهم تمتد إلى محيطات لا متناهية. لذلك، فهم يسألون دائماً، "هل من مزيد"، زدنا يا ربنا! نحن في سعادة لا نهاية لها ومتعة لا حد لها، زدنا يا ربنا! فيقول ربنا، "منحت لكم المزيد والمزيد والمزيد والمزيد من الأزل إلى الأبد. لذلك، أمنحكم الخلود، الخلود، الخلود". من يصل إلى ذلك المقام يطلب الخلود، الأبدي، السرمدي، فيقول، "هل من مزيد؟" فيقول الله سبحانه وتعالى، "كل ذلك من أجلك، فاطلب المزيد وخذ المزيد".

أيها الناس! أنتم في محيطات الغفلة، ومحيطات الغفلة تنهيكم. والغفلة لها قوة تعم جميع الناس (الغافلين)، مثل المحيطات، تغرق الناس أكثر فأكثر، ويقعون إلى الأسفل في الهاوية. بدل أن يكونوا سعداء ومسرورين، فإنهم يصيرون في حالة ضيق مستمر. وذلك مثال للثقوب السوداء. ومن وقع في تلك الثقوب، فإنه يقع في هاوية، لا قعر لها. أما العوالم النورانية، فترفعك إلى أعلى، أكثر فأكثر في علوٍ مستمر، ومتعة مستمرة.سعادة لا متناهية.  

أيها الناس، حاولوا أن تفهموا شيئاً! ولكن أولياء الله يقولون، بأن الناس جميعاً الآن سكارى. والسكران لا يفهم شيئاً من محيطات الخلق النورانية. معظم البشر في ظلمة الجهل، لا يصلون أبداً إلى نهايتها؛ علمهم حقا جهل، لا يفيدهم بشيء. الجميع يلهثون وراء أشياء لا تكسبهم أية حقائق عن الخالق. وخالقهم لا يمنحهم شيئاً على الإطلاق، بل وحتى لا يصلون إلى أدنى مرتبة على هذا الكوكب، ولا يصلون أبداً إلى حقيقة الحقيقة. غفر الله لنا!

 

الله الله الله الله الله الله الله الله

الله الله الله الله الله الله الله الله

الله الله الله الله الله الله الله الله

(مولانا الشيخ يدندن):

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

دوم دوم دوم دوم

أيها الناس! اسألوا ربكم أن يرزقكم السعادة الحقيقية. لا تضيّعوا فرصة حياتكم بسفاسف الأمور. هذه الدنيا والعيش فيها، مثل العيش في سجن مظلم. لذا دعوها واطلبوا الوصول إلى الحياة الحقيقية والمليئة بالأنوار، لتكونوا سعداء. السلام عليكم

(42 دقيقة)، هذا يكفي.

الله الله الله الله الله الله الله الله

الله الله الله الله الله الله الله الله

الفاتحة.

شكرا لإصغائكم. جعلنا الله وإياكم ممّن يقبلون الحقيقة ويطلبون الوصول إلى الأنوار والعوالم النورانية ونسأل الله أن ينوّرنا وأن يحفظنا من الظلمات ومن العوالم المظلمة. بجاه نبيه الكريم، وبحرمة  الفاتحة.

 

 




 
  3011271 visitors