شمس الشموس
  أليسع عليه السلام
 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنتقل النور إلى أليسع عليه السلام

كبر إلياس عليه السلام وكان مملوء بالحزن من شدّة العذاب الذي تلقّاه على أيدي شعبه الذي أرسل إليه . عرف إلياس عليه السلام بأنّ أيّامه معدودة على الأرض فطلب من الله عزّ وجلّ أن لا يدعه يموت على أيدي شعبه حتّى لا  يتحمّل شعبه خطيئته . ودعا الله عزّ وجلّ أن يدعه يعيش إلى وقت نبي آخر الزمان النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم حتّى يتسنّى له رؤيته والتسليم عليه .

سأل إلياس عليه السلام تلميذه أليسع عليه السلام عن الهدية التي يودّ أن يهديه إيّاها قبل رحيله من هذه الدنيا , فأجابه أليسع عليه السلام أن يزوّده بمزيد من العطايا الروحانية . إستمر أليسع عليه السلام بإتّباع خطى معلّمه إلياس عليه السلام إلى أن حان وقت رحيل المعلّم .  وهب إلياس عليه السلام تلميذه ثوبه وحزامه المصنوع من الجلد . في اللحظة ذاتها رأى الرجلين شيء من نار يقترب من السماء بإتجاههم . لقد كان حصان من نار . ظهر جبريل عليه السلام الذي قدّم تحية  السلام من الله عزّ وجلّ له وأخبره بأنّ دعوته سوف تقبل . دون أن يعتريه أيّ  خوف , إمتطى إلياس عليه السلام الحصان الذي حمله إلى السماوات حيث يعيش هناك حتّى هذا الوقت النبي إدريس عليه السلام .

 إعترى أليسع عليه السلام الخوف لمعرفته بالحمل الثقيل الذي إستعدّ لتحملّه وطلب من الله عزّ وجلّ أن يغفر له . لكن جاءه جبريل عليه السلام ليطمئنه بأنّ الله عزّ وجلّ قد إختاره ليكون نبيّه . وهكذا نسي أليسع عليه السلام جميع المصاعب التي إعترته ومعلّمه فلبس اللباس الذي أعطاه إيّاه معلّمه وشع نور النبوّة منه حتّى وصل ما بعد البحار .

إرتاح معظم بني إسرائيل من إختفاء إلياس عليه السلام ولم يعودوا يعيروا أيّ إهتمام  لأصحابه . إجتمع المؤمنون حول نبيّهم الجديد وعاودوا العيش حياة هادئة .

تزوّج أليسع عليه السلام وأسّس عائلة . حمل أحد أولاده وهو يونس عليه السلام نور النبوّة. في أحد الأيام ذهب أليسع عليه السلام بإبنه يونس عليه السلام لزيارة قبر جدّته على شاطئ البحر . دهش يونس عليه السلام برؤية الدلافين وسرّه منظرهم وأخذ يراقبهم كما كان يفعل والده في طفولته .

لم تكن الأمور في مملكة إسرائيل تسير على ما يرام , فقد كان القسم الشمالي والجنوبي يعبدوا الأصنام , ولم يكن هناك عدلا في البلاد . فكان الفقير يزداد فقرا والغني يزداد غنى , ممّا أغضب الله عزّ وجلّ أكثر فأكثر .إنتشر الشحّ والمجاعة والزلازل والأمراض في كلّ مكان . وهب الله عزّ وجلّ أليسع عليه السلام القدرة على القيام بالمعجزات , لأنّه في هذه الحالة لا يستقطب أنظار الكفّار إلاّ هذا الشيء .

إنتشر البرص في البلاد . والبرص مرض خطير فيه يتآكل الجسد شيئا فشيئا بينما يبقى الإنسان على قيد الحياة . أعطى الله عزّ وجلّ أليسع عليه السلام القدرة على مدواة البرص فجاء إليه الناس من مختلف أقطار البلاد سواء أكانوا فقراء أو أغنياء ليشفيهم . بدأ الناس بالسمع إلى ما يقوله أليسع عليه السلام وآمنوا بالله الواحد الأحد .

أصبح عدد المؤمنين كبير جدا وكانوا منتشرين في مختلف أصقاع البلاد . لذا كان عليهم أن يشاركوا في العديد من الحروب التي كانت تواجهها البلاد . كان على أليسع عليه السلام أن يرافق الجنود لحماية المؤمنين , وقام بالعديد من المعجزات خلال الحرب لجعلهم يربحوا بها . آمن به العديد من المحاربين لكن الرؤوس الكبيرة لم تؤمن به . كان الجامع في القدس ملؤه الأصنام والقذارة وأصرّ أكثرية الناس على عدم الإيمان به .

كان أليسع عليه السلام في الثمانين من عمره عندما طلب منه إبنه يونس عليه السلام الإذن في السفر في البلاد وليفتّش عن حظّه في الحياة . طلب أليسع عليه السلام من إبنه أن يذهب إلى مدينة  كبيرة على شاطئ البحر , العاصمة الآشورية في نينوى .في هذه المدينة حطّم النبي إبراهيم عليه السلام في شبابه جميع الأصنام الموجودة بفأسه . لكن يونس عليه السلام كان في غاية الخجل ليطلب الوصول إلى مرتبة النيي إبراهيم عليه السلام فطلب أن يكون بمرتبة فأسه فقط . تعجّب أليسع عليه السلام من إبنه الذي يخجل أن يقبل بالنبوّة بالرغم من أنّها محتمة عليه . ودّع أليسع عليه السلام إبنه الذي ذهب يطوف في أنحاء البلاد.

 

عرف أليسع عليه السلام بأنّه لن يرى إبنه ثانية في هذه الحياة وبعد فترة وجيزة من سفر يونس عليه السلام مرض أليسع عليه السلام . تكلّم أليسع عليه السلام مع المؤمنين وطلب منهم أن يحافظوا على إيمانهم وأن يتّبعوا شريعة موسى عليه السلام . ترك أليسع عليه السلام هذه الأرض بسلام ودفن في المكان الذي مات فيه .

فليبارك الله عزّ وجلّ أليسع عليه السلام وليمنحه السلام .  

 
  3004716 visitors