شمس الشموس
  29.09.2010
 



كن مع الله ولا تبالي !

سلطان الأولياء مولانا الشيخ محمد ناظم الحقاني

ليفكة  قبرص  29 سبتمبر 2010 – شوال 1431

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. (مولانا يقف).

لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليه صلاة الله وسلامه. والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين (مولانا يجلس).

ثم السلام عليك يا صاحب الزمان. ثم السلام عليكم يا أقطاب، يا أوتاد، يا أخيار ويا بدلاء ويا نجباء ويا نقباء. وخاصة، السلام عليك يا سيدي ومولاي، الذي ربّاني. هو ربانيّ وربّاني. سبحان الله! لولا المعلم ما تعلم أحد. ومعلم البشرية في هذه الأرض، هو ذاك الذي قال له الله سبحانه وتعالى، "يا حبيبي .. يا أشرف خلقي .. يا أعز خلقي .. يا أجلّ خلقي، أعطيتك عوالم الخلق ووضعته تحت قدميك!"

الله أكبر ولله الحمد! (مولانا يقف). قولوا، "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". فرّوا من الشيطان، ثم سلّوا سيفاً ربانياً وقولوا، "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ ذلك السيف الذي وهبه الله سبحانه وتعالى للمؤمنين!

أيها المشاهدين، مرحباً بكم! .. ومن لا يحضر لا مرحباً بهم في الدارين. حاولوا أن تكونوا من المرحَّبين بهم. ولا تكونوا من المطرودين، كالشيطان وأتباعه .. بل كونوا من المرحبين بهم! .. تلك هي حياة العز والشرف والسعادة. وكل من يشاهدنا ويتقبل هذه النعمة الربانية، سيرحب بهم في هذه الحياة الدنيا وفي لحظة وفاته؛ عند لفظ نفَسه الأخير، وسيُستقبلون بالترحاب بعد وفاتهم ووصولهم إلى الحياة الحقيقية .. نعم، سيُستقبلون بالترحاب. فإذا أراد أحد أن يكون مُرَحَّباً به، عليه أن يسارع في الحضور هنا أو إلى أي صحبة مثل هذه الصحَب، المحفوفة بالملائكة، الذين يستقبلون كل من يحضر بالترحاب. وأما لمن ضيعها، فتقول الملائكة، "لا مرحباً بهم"! .. لماذا تضيعون فرصتكم، يا مشاهدينا، في إجابة دعوة رب السموات إلى الوليمة الربانية؟

 

أيها الناس، تعالوا وحاولوا أن تكونوا رجالاً صادقين! .. تلك هي مهمتنا. وكما أن المهمة الرئيسية للأنبياء، أن يدعو الناس ليكونوا من الصادقين. وهذا (أسمى) شرف للإنسان، أن يُدعى بالصادق. وإن لم تسعوا لنيل تلك الدرجة من الشرف، فأنتم خاسرون! .. ستكونون خاسرين وستنتهي حياتكم سدىً..  تلك هي فرصتكم، لا تأتيكم إلا مرة واحدة، فاستغلوها! .. عن أي فرصة تتحدث؟ .. عن تلك الفرصة لتكونوا من الصادقين! .. كونوا صادقين، وكونوا مع الصادقين، لتنالوا سعادة الدارين! واتبعوا أولياء الله جل جلاله! .. أولياء الله! .. أسمى شرف يناله عباد الله، أن يكونوا أولياءه!. كما يأمرنا الله سبحانه وتعالى، "أيها الناس، كونوا معي!"

تلك دعوة ربانية لكافة البشر. "كن مع الله!" .. لا تتركه وهو لن يتركك أبداً. "كن مع الله!" .. فيأتي سؤال، "كيف لنا أن نكون مع الله سبحانه وتعالى؟" .. اسألوا علماء السلفية، "كيف يمكننا أن نكون مع الله سبحانه وتعالى؟" .. اسألوهم واقبلوا جوابهم! .. "كن مع الله!" ولها تكملة، "كن مع الله ولا تبالي!" إذا كنت مع الله عز وجل، فلا تبالي ولا تقلق، فلن يصيبك أي سوء، في هذه الدنيا وفي الآخرة. فكل مصيبة تصيب الإنسان، فإنما بسبب غفلته عن الله سبحانه وتعالى. لذا، "كن مع الله!"

سوف نوجّه سؤالاً لعلماء السلفية .. مع من أنتم؟ .. ليس من السهل أن تكون مع الله سبحانه وتعالى. فتلك أعلى الدرجات. ولكن هناك طريقة، ليكون الناس مع الله. نحن عبيد ضعفاء وفي غاية الضعف ولا نفهم أبداً. فمستوى فهمنا بسيط للغاية. فما معنى أن تقول، "كن مع الله"؟ .. أين الله؟

الله سبحانه وتعالى منزه عن الزمان والمكان. له الوجود المطلق، ولا موجود إلا هو! له العزة والعظمة والجبروت، سبحانه! .. لا إله إلا الله .. إلا الله .. إلا الله .. إلا الله! .. وهذا أمر واجب أن تكون مع الله سبحانه وتعالى. ولكن كيف يكون ذلك؟ .. أولاً علينا أن نسأل، من ذاك الذي هو دائماً مع ربه؟ .. هو ذاك الذي قُرن اسمه الكريم مع اسم الله الأعظم، (مولانا يقف)؛ محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم! (مولانا يجلس).

فمن هو خليفة الله سبحانه وتعالى إذن؟ .. أنا أم أنت؟ .. لا! .. بل هو خليفته المطلق من الأزل إلى الأبد. الذي له القدرة في أن يتواجد في ذلك المكان، ولا مكان هناك! وهذا الفضل من الله سبحانه وتعالى لم يبلغه أحد إلا هو، وذلك لرفعة مقامه، ولا يمكن لأحد أن يكون مثل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، (مولانا يقف ثم يجلس). هو واحد، لا مثيل له، ولا محمد غيره، صلى الله عليه وسلم! .. فقط هو وحده! .. ومنه، الله الخالق قادر على أن يحضر عدداً لا يحصى من المحمدين، صلى الله عليه وسلم، (مولانا يقف ثم يجلس). لذلك، أيها الناس، كونوا مع الله! .. وهذا أمر ليس سهلاً، بل صعبٌ للغاية. وهذا إكرام من الله سبحانه وتعالى بأن جعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خليفته.

هو الواحد الأحد، سبحانه وتعالى. وله خلفاء من بين جميع خلقه. وهؤلاء الخلفاء جاءوا ليتوحدوا مع (ذلك) الواحد؛ مع وجوده المطلق لخاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم! (مولانا يقف ثم يجلس).

أيها الناس! .. مرحباً، مرحباً! .. كونوا من الذين يعيشون هذه الحياة القصيرة، ثم يعودون إلى أصلهم الحقيقي، بفضل من الله سبحانه وتعالى ويقولوا، "أيها الخلفاء، أخذنا منكم كل شيء، لننوب عنكم" .. وأما أن تنوب عن الله سبحانه وتعالى فهذا لا يمكن لأحد أن يصله! ".. والخلق مستمر لا ينتهي، ولا يقدر أحد أن يحصيه، أبداً!

أيها الناس! .. نحن في عالم نصفه مشرق والنصف الآخر مظلم. ومن سعى وجاهد في أن يخرج من الظلمات إلى النور، ويتخلص من ظلمات النفس ومن ظلمات عوالم الشيطان؛ فأولئك سيكافئون بأنوار ربانية ينالونها، ويكسوهم الله سبحانه وتعالى بكسوة ربانية، فتتغير قدراتهم الجسمانية، وكذلك قدرتهم على السمع والبصر، فيكونون قادرين على رؤية تلك الأنوار التي تشع منهم، ويصبحون مثل الشمس التي ترسل أشعتها (إلى العباد). ولكن (الناس) لن يعرفوا أن مصدر تلك الأنوار من تلك الشمس، حتى يقول لها ربها، "قفي هنا وأرسلي أشعتك، لعبادي في تلك الأرض"!

 فلماذا لا تسعون لتكونوا (شموساً) تبعثون بالأنوار (إلى الناس)؟ .. إنما بُعث الأنبياء ومعهم الأنوار، وجاءوا ليمحوا الظلمات من الناس ويسقوهم بالأنوار، فتتبدل أحوالهم من الظلمات إلى النور. نحن الآن في ظلمة الأبدان. فإذا وصلتكم تلك الأنوار أزاحت عنكم الظلمات وغيرت أحوالكم إلى أحسن حال وتميز وجودكم، فتنظرون ولا ترون أمامكم إلا بحاراً (من الخلق)، لا منتهى لها ولا يحصى لها عدد. فإذا نظرتم إلى الخلق، الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، امتلأت قلوبكم بالسعادة والفرح والاعتزاز والرضاء، ومن كل ما تفضل به الله سبحانه وتعالى على عباده، من العطايا والمنح التي لا تنتهي أبداً، وسيتجلى ذلك عليكم من خلال مرآتكم؛ مرآة الحقيقة الموجودة في قلوبكم .. يقول ربنا جل وعلا أو كما روي في الحديث الشريف، "قلب المؤمن عرش الله". فهل في هذا أي خطأ يا علماءنا السلفية؟ .. لا يمكن أن يكون فيه خطأ! .. فالله سبحانه وتعالى معنا .. وإن لم يكن الله معنا، فما كنا لنظهر في الوجود. هو الذي خلق الإنسان ووضع فيه نقطة مركزية مضيئة. وهذه النقطة يمكنها أن تسع كل الخلائق .. الله أكبر!

 

أيها الناس، حاولوا أن تتعلموا! .. علينا أن نتعلم شيئاً عن ربنا وعن أحب عباده، (مولانا يقف)، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم! (مولانا يجلس).

أيها الناس! .. الناس في هذه الأرض مثل النجوم في السماء. فكل مولود يولد يظهر له نجم في السماء. ذلك النجم لا يعرفه أحد، إلا ما عُرف من علامات بسيطة تظهر من خلالنا. ولكن تبقى حقيقتنا في ذلك النجم. وتصديقاً لهذا الأمر، ذُكر في كتب السيرة، أن يهودياً طاف في يثرب، المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم، ليلة مولد ختام الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وسلم (مولانا يقف ثم يجلس)، وهو يصيح قائلاً، "قد طلع نجم أحمد!" .. فعندما رأى ذلك النجم عرف يقيناً أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وُلد. وهذا يؤكد أن لكل شخص في هذه الحياة الدنيوية نجم يظهر في السماء عندما يظهر وجوده المادي في هذه الأرض. وعندما يختفي ذلك النجم يموت ذلك الشخص وينتهي بقاءه الجسماني في الأرض.

لكل واحد نجم، ومن وُهب أسرار ذلك العلم يمكنه فقط أن يعرف، وليس لكل واحد أن يعرفه. وقد جاء في الكتب المقدسة بشأن هذا النجم؛ نجم خاتم الأنبياء والمرسلين. وكان ذلك اليهودي ينظر إلى السماء ويقول، "الليلة ظهر نجم خاتم الأنبياء والمرسلين وانتهى .. أيها الناس! .. لقد ولد (النبي) الذي كنا ننتظره، فابحثوا عنه!

لكل واحد نجم، وهذا النجم يحتوي على كل شيء عنه؛ عن هويته الحقيقية وعن سيرته الذاتية، وإن كان من أهل الجنة أم غير ذلك. وأهل الفن والعلم قد نالوا شيئاً من أسرار ذلك العلم، مثل ذلك الرجل من أهل الكتاب، وكان دائم البحث عن نجم خاتم الأنبياء والمرسلين ويترقب ظهوره، فصاح في الناس، "نجم أحمد قد ظهر! .. احذروا من الشيطان واتبعوا سبيل ذلك النبي! .. من اتبعه فإنه يدخل معه الجنة، ومن رفض فقد هوى في الجحيم مع الشيطان!" .. غفر الله لنا! ..

أيها الناس! .. امنحوا بعضاً من وقتكم لمثل تلك العلوم واقبلوها، ولا تسألوا ما هذه ومن أين هذه! فمثل هذه مما مُنح لبعضٍ من أمة خاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وسلم، (مولانا يقف ثم يجلس). زده يا ربي عزاًّ وشرفاً! .. وهو عزنا وشرفنا! .. علينا أن نشكر فضله علينا! .. امنحوا لأنفسكم قليلاً من الوقت لتقدموا له الاحترام والتبجيل!

 

أيها الناس، صلوا عليه يومياً وزيدوا الصلاة عليه! كما قال الله سبحانه وتعال آمراً، (مولانا يقف)، {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}! (الأحزاب، 56)، (مولانا يجلس).

الناس يتناقشون حول مسألة جواز صلاة المؤذن على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان. هؤلاء هم جهلاء، لا عقل لهم! .. الآية تشير على وجوب الصلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين في كل حين، وعلى وجوب تعظيمه. لذا علينا أن نردد، "اللهم صل وسلم وبارك عليه.  زده يا ربي عزاً وشرفاً ونوراً وسروراً ورضواناً وسلطاناً. وبجاهه عندك ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيلك يا رب العالمين، بحرمة من أنزلت عليه سورة الفاتحة.

 

 

 
  3004746 visitors